خبراء: رفع الفائدة في أوروبا ليس حلاً للأزمة الاقتصادية.. والغضب الشعبي قادم
خبراء: رفع الفائدة في أوروبا ليس حلاً للأزمة الاقتصادية.. والغضب الشعبي قادم
إجراءات صارمة تلجأ إليها العديد من الدول وقت الحروب والأزمات، وما تمر به أوروبا من نقص في الغاز وتوقف بعض الصناعات لديها وأزمة الشتاء والتضخم، وأخيرًا مظاهرات واحتجاجات على الأوضاع الراهنة، لا يمكن وصفه سوى بـ"الأزمة الكبرى".
وفي أزمتها لجأت بعض الدول الأوروبية إلى رفع الفائدة، وهو سبب إضافي لخروج آلاف المتظاهرين لساحاتها احتجاجا، ترى كيف سيؤثر ذلك على الأفراد وما هي نتائج تلك المتغيرات وتأثيرها على أوروبا؟
رفع الفائدة
بشكل تقليدي في مواجهة الأزمات اختارت بعض الدول الحل الأسهل فرفعت الفائدة مثل ألمانيا.
ففي تصريحه الأخير، قال رئيس البنك المركزي الألماني، يواكيم ناغل، إن زيادات إضافية لنسب الفوائد في منطقة اليورو ستكون "ضرورية" بعد تلك المنتظرة في نهاية أكتوبر لمواجهة ارتفاع التضخم.
وذكر ناغل في خطاب ألقاه في واشنطن ونشره البنك المركزي الألماني: "برأيي، رفع نسب الفوائد بشكل إضافي سيكون ضروريا بهدف إعادة التضخم (إلى هدف) 2 بالمئة على المدى المتوسط، وليس فقط في اجتماع السياسة النقدية في نهاية أكتوبر".
وأضاف، "في مطلق الأحوال، يجب ألا يخفف مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في وقت قريب جدا، لأنه يتعين علينا التأكد من توقف التضخم المرتفع".
وبلغت نسبة الفائدة 10 بالمئة في سبتمبر في منطقة اليورو.
بدأ البنك المركزي الأوروبي في يوليو تشديد أسعار الفائدة بشكل مفاجئ في إطار مهمته الأساسية القائمة على أساس ضمان استقرار الأسعار، واعتبر أن تباطؤ الاقتصاد الحاصل في منطقة اليورو في إطار من أزمة الطاقة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا لن يكون قادرا على كبح التضخم بشكل كافٍ.
يمكن أن يؤدي الاجتماع المقبل لمجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي المقرر عقده في 27 أكتوبر إلى رفع جديد قدره 75 نقطة أساس لأسعار الفائدة الرئيسية كما حصل في سبتمبر، بحسب تصريحات مصرفيين في منطقة اليورو ومراقبين.
احتجاج وتمرد
في رد فعل غير معتاد، بدأ آلاف الأشخاص يتظاهرون في باريس، الأحد، بدعوة من اليسار المعارض للرئيس إيمانويل ماكرون، والذي يأمل في المساهمة في الغليان الاجتماعي في فرنسا حيث يتواصل إضراب يمنع توزيع الوقود في البلاد.
ودعا تحالف الأحزاب اليسارية "الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد" إلى تظاهرة، الأحد، احتجاجا على "غلاء المعيشة والتقاعس في مجال المناخ"، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
تزامن ذلك مع تظاهر الآلاف من الأشخاص مجددا في عدة ولايات شرقي ألمانيا، احتجاجا على سياسة الطاقة والتضخم وتداعيات الحرب الأوكرانية، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.
وحسب بيانات أولية أصدرتها شرطة ولاية "مكلنبورج-فوربومرن"، خرج مؤخرا نحو 7000 شخص إلى الشوارع في أكثر من 15 مدينة، وطالب خطباء في مظاهرات في مدينتي "شفيرين" و"نويبراندنبورج" بسياسة طاقة يمكن للناس تحملها وبتكاليف معيشة في المتناول، كما تمت الدعوة في عدة مظاهرات إلى إجراء مفاوضات سلام، وذلك في ما يتعلق بالحرب الروسية على أوكرانيا، وبوقف توريدات الأسلحة إلى أوكرانيا وسحب العقوبات على روسيا.
لا موارد.. والرفع اضطراري
قال أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، رشاد عبده، إن الاتحاد الأوروبي يواجه مشكلات عديدة تنعكس قطعًا على الشعوب، من حيث ضعف الإيرادات وزيادة المصروفات وانخفاض الصادرات، ولمواجهة ذلك ألغت بعض الدول صناعات بعينها تستهلك طاقة مضاعفة، منها ألمانيا ذات الاقتصاد الأكبر في أوروبا، ولذا رصدت 66 مليارا كفروق في أسعار الطاقة للمواطنين فقط، وكذلك بريطانيا التي أرادت تخفيض الضرائب، لكنها فشلت حيث لا إيرادات، ولذا غيرت وزير ماليتها بهدف إحداث طفرة اقتصادية.
وأضاف، سبب شقاء أوروبا حاليًا هو ضعف الطاقة، وما تحتاجه تستورده من أمريكا بأسعار أغلى بلغت 400%، ولذا بدأت فرنسا وألمانيا في لفت نظر أمريكا إلى استغلالها الأزمة ورفعها الأسعار، ولذا اضطرت إلى رفع الضرائب، وهذه حلول "العجزة" التي كانوا يتهمون بها الدول النامية قديمًا.
وتابع في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، في الوقت الذي تعاني فيه فإن تركيا ارتفعت صادراتها إلى 14% في التسعة أشهر الماضية ووصلت إلى 140 مليار دولار، في حين توقفت أوروبا عن الإنتاج، ولا تصدر، وتزيد المصروفات، ولذا لجأت إلى الحل الأسهل وهو زيادة الضريبة ما أدى إلى خروج المظاهرات والاحتجاجات، فالشعوب ترى أنه لا حاجة لخوض الاتحاد الأوروبي حربًا لا ناقة له فيها ولا جملا وتثقل أعباء المواطن الأوروبي وتعرض اقتصاده للخطر، وكذلك نواب البرلمان يعترضون.
وأردف، واليوم خرجت مظاهرة في فرنسا للمطالبة بزيادة المرتبات بسبب التضخم وعدم القدرة على التعايش مع ارتفاع الأسعار، هذه المظاهرات لا تتمثل في النقابات فقط، وإنما مزيج من أحزاب ونقابات وأفراد.
ترشيد الاستهلاك
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر ورئيس وحدة الأبحاث العلمية بالمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية الدكتور صلاح الدين فهمي، إن أوروبا لديها نوع من العدل الضريبي، لا يأخذ الضريبة إلا إذا تحقق الدخل، ولا بد من تحقق ضوابطها كأن تكون في التوقيت المناسب وبالسعر المناسب وغيرها.
لذا حينما ترفع دولة مثل ألمانيا الضرائب، يكون ذلك بهدف ترشيد الاستهلاك خاصة الطاقة، حيث كل الخدمات التي تقدمها الدولة تكون من هذه الضرائب بما فيها الطاقة التي تقدمها الحكومات الأوروبية وما زالت تقدمها بشرط ترشيد الاستهلاك، وهذا الترشيد يحدث من خلال رفع الضرائب، ومن يكتشفون أنه لا يرشد الاستهلاك يدفع بقيمة أعلى، حيث يقسم الاستهلاك إلى شرائح ومن يزيد على نسبة معينة تطبق عليه الفائدة والسعر الجديد الخالي من الدعم، إذن هو يفعل ذلك لترشيد الاستهلاك.
وأضاف، هذه حيلة تلجأ إليها بعض الدول للترشيد والحد من الاستهلاك، على سبيل المثال إذا أرادت دولة ما ترشيد استهلاك السجائر والخمور ماذا تفعل؟ ترفع ضريبتها، وذلك ليس كعقوبة وإنما لأسباب اجتماعية لما لها من تأثيرات سلبية على الشباب، ولا شك أن الغرب يعاني الآن بسبب الأزمة الروسية-الأوكرانية ونقص الطاقة الحاد وما سببه من توقف للمصانع وارتفاع أسعار الغاز، ولكن ما زال هناك دعم المواطن الذي ليس لديه عمل، ولكن لعدة أشهر حتى يجد آخر.